فصل: أمان الحرث بن شريح وخروجه من دار الحرث.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.أمان الحرث بن شريح وخروجه من دار الحرث.

لما وقعت الفتنة بخراسان بين نصر والكرماني خاف نصر أن يستظهر الكرملاني عليه بالحرث بن شريح وكان مقيما ببلاد الترك منذ إثنتي عشرة سنة كما مر فأرسل مقاتل بن حيان النبطي يراوده على الخروج من بلاد الترك بخلاف ما يقضي له الأمان من يزيد بن الوليد وبعث خالد بن زياد البدي الترمذي وخالد بن عمرة مولى بني عامر لاقتضاء الأمان له من يزيد فكتب له الأمان وأمر نصرا أن يرد عليه ما أخذ له وأمر عبد الله بن عمر بن عبد العزيز عامل الكوفة أن يكتب لهما بذلك أيضا ولما وصل إلى نصر بعث إلى الحرث بذلك فلقيه الرسول راجعا مع مقاتل بن حيان وأصحابه ووصل سنة سبع وعشرين في جمادى الأخيرة وأنزله نصر بمرو ورد عليه ما أخذ له وأجرى عليه كل يوم خمسين درهما وأطلق أهله وولده وعرض عليه أن يوليه ويعطيه مائة ألف دينار فلم يقبل وقال: لست من الدنيا واللذات في شيء وإنما أسأل كتاب الله والعمل بالسنة وبذلك أساعدك على عدوك وإنما خرجت من البلاد منذ ثلاث عشرة سنة إنكار للجور فكيف تزيدني عليه؟ وبعث إلى الكرماني: إن عمل نصر بالكتاب عضدته في أمر الله ولا أعتبك إن ضمنت لي القيام بالعدل والسنة ثم دعا قبائل تميم فأجاب منهم ومن غيرهم كثير واجتمع إليه ثلاثة آلاف وأقام على ذلك.

.انتقاض مروان لما قتل الوليد.

كان مروان بن محمد بن مروان على أرمينية وكان على الجزيرة عبدة بن رياح العبادي وكان الوليد قد بعث بالصائفة أخاه فبعث معه مروان ابنه عبد الملك فلما انصرفوا من الصائفة لقيهم بجرزان حين مقتل الوليد وسار عبدة عن الجزيرة فوثب عبد الملك بالجزيرة وجرزان فضبطهما وكتب إلى أبيه بأرمينية يستحثه فسار طالبا بدم الوليد بعد أن أرسل إلى الثغور من يضبطها وكان معه ثابت بن نعيم الجذامي من أهل فلسطين وكان صاحب فتنة وكان هشام قد حبسه على إفساد الجند بأفريقية عند مقتل كلثوم بن عياض وشفع فيه مروان فأطلقاه واتخذا عنده يدا فلما سار من أرمينية داخل ثابت أهل الشام في العود إلى الشام من وجه الفرات واجتمع له الكبير من جند مروان وناهضه القتال ثم غلبهم وانقادوا له وحبس ثابت محمد نعيم وأولاده ثم أطلقهم من حران إلى الشام وجمع نيفا وعشرين ألفا من الجزبرة ليسير بهم إلى يزيد وكتب إليه يشترط ما كان عبد الملك ولى أباه محمدا من الجزيرة والموصل وأذربيجان فأعطاه يزيد ولاية ذلك وبايع له مروان وانصرف.

.وفاة يزيد وبيعة أخيه إبراهيم.

ثم توفي يزيد آخر سنة ست وعشرين لخمسة أشهر من ولايته ويقال إنه كان قدريا وبايعوا لأخيه إبراهيم من بعده إلا أنه انتقض عليه الناس ولم يتم له الأمر وكان يسلم عليه تارة بالخلافة وتارة بالأمان وأقام على ذلك نحوا من ثلاثة أشهر ثم خلعه مروان ابن محمد على ما يذكر وهلك سنة اثنتين وثلاثين.

.مسير مروان إلى الشام.

ولما توفي يزيد وولي أخوه إبراهيم وكان مضعفا وانتقض عليه مروان لوقته وسار إلى دمشق فلما انتهى إلى قنسرين وكان عليها بشر بن الوليد عاملا لأخيه يزيد ومعه أخوهما مسرو ودعاهم مروان إلى بيعته ومال إليه يزيد بن عمر بن هبيرة وخرج بشر للقاء مروان فلما تراءى الجمعان مال ابن هبيرة وقيس إلى مروان وأسلموا بشرا ومسرورا فأخذهما مروان وحبسهما وسار بأهل قنسرين ومن معه إلى حمص وكانوا امتنعوا من بيعه إبراهيم فوظه إليهم عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك في جند اهل دمشق فكان يحاصرهم فلما دخل مروان رحل عبد العزيز عنهم وبايعوا مروان وخرج للقائه سليمان بن هشام في مائة وعشرين ألفا ومروان في ثماتين فدعاهم إلى الصلح وترك الطلب بدم الوليد على أن يطلقوا ابنيه الحكم وعثمان وليي عهده فأبوا وقاتلوه وسرب عسكرا جاؤوهم من خلفهم فانهزموا وأثخن فيهم أهل حمص فقتلوا منهم نحوا من سبعة ألفا مثلها ورجع مروان بالفل وأخذ عليهم البيعة للحكم وعثمان ابني الوليد وحبس يزيد محمد العقار والوليد محمد مصاد الكلبيين فهلكا في حبسه وكان ممن شهد قتل الوليد ابن الحجاج وهرب يزيد بن خالد القسري إلى دمشق فاجتمع له مع إبراهيم وعبد العزيز بن الحجاج وتشاوروا في قتل الحكم وعثمان خشية أن يطلقهما مروان فيثأر بأبيهما وولوا ذلك يزيد بن خالد فبعث مولاه أبا الأسد فقتلهما وأخرج يوسف ابن عمر فقتله واعتصم أبو محمد السفياني ببيت في الحبس فلم يطيقوا فتحه وأعجلهم خيل مروان فدخل دمشق وأتى بأبي الوليد ويوسف بن عمر مقتولين فدفنهما وأتى بأبي عمر السفياني في قيوده فسلم عليه بالخلافة وقال: إن ولي العهد جعلها لك ثم بايعه وسمع الناس فبايعوه وكان أولهم بيعة معاوية بن يزيد بن حصين بن نمير وأهل حمص ثم رجع مروان إلى خراسان واستأمن له إبراهيم بن الوليد وسليمان بن هشام وقدما عليه وكان قدوم سليمان من تدمر بمن معه من إخوته وأهل بيته ومواليه الذكوانية فيايعوا لمروان.